أبطال الإسلام

غزوة مؤتة
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد، وقد قتل قادتها الثلاثة: زيد بن الحارثة، ثم جعفر بن أبي طالب ثم عبد الله بن رواحة -رضي الله عنهم-، فسارع الى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له: (خذ اللواء يا أبا سليمان) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا: (لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا)... فأجابه ثابت: (خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك). ثم نادى بالمسلمين: (أترضون إمرة خالد؟)... قالوا: (نعم)... فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين، يقول خالد: (قد انقطع في يدي يومَ  تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية).
كان خالد على مقدمة جيش رسول الله r يوم حنين، وجرح وعاده الرسول وبعد ذلك أرسله الرسول في أثناء غزوة تبوك[ر] إلى الأكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل في مهمة إتمام مد نفوذ المسلمين إلى الأطراف الشمالية للجزيرة فأسره وأحضره عند الرسول الذي صالحه على الجزية ورده إلى بلده.


وفي سنة عشر للهجرة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم  خالداً إلى بني الحارث بن كعب بنجران ليدعوهم إلى الإسلام، فأسلموا وعاد خالد مع وفدهم القادم إلى المدينة للمبايعة فأطلت فتنة الردة برأسها منذ شاع خبر مرض الرسول r واستشرت بعد تولي الخليفة أبي بكر الصديق الخلافة، وكانت الردة تمرداً قامت به بعض القبائل العربية التي لم يتجذر الإسلام فيها على سلطة المدينة للتخلص من الزكاة والتحلّل من الفروض الإسلامية أو تأثراً بالتحريض الخارجي. تصدى أبو بكر للردة بعزم وتصميم، وعبأ القوات لقتال المرتدين، واستعمل خالد بن الوليد على قتالهم، فأبلى خالد فيه بلاءاً عظيماً، وأخضع قبائل عدة عاصية، بيد أن خالداً أنجز إنجازه الكبير عندما قضى على ردّة بني حنيفة في اليمامة وعلى زعيمهم القوي مسيلمة الكذاب. وكان وأد هذه الفتنة إيذاناً بالقضاء على حركات الردة نهائياً واستتباب سلطة المدينة على الجزيرة العربية.


معاركه مع الروم
أعد الروم جيشاً ضخماً لملاقاة المسلمين يفوق قوى المسلمين مرات وبدا أن الصراع على الشام سوف يكون حاسماً، فأوعز الخليفة إلى خالد أن يترك جبهة العراق للمثنى بن حارثة ويتوجه إلى الشام دعماً للجيوش الأربعة. سار خالد بقواته من الحيرة إلى الشام فوصلها في مدة قياسية دلت على مهارته وانضم إلى قوات أبي عبيدة ورفاقه، ولكنه وجد أنَّ قتال الجند في الشام كان على تساند، أي على رايات شتى كل جند وأميرهم لا يجمعهم أحد وهم متضايقون بمدد الروم، فأوضح لهم أنه لا يجوز لهم مقاتلة الروم، وهم قوم على نظام وتعبئة (والتعبئة تقسيم الجيش إلى قلب وميمنة وميسرة تحت قيادة قائد أعلى) بينما العرب على تساند وانتشار، وطلب من الأمراء أن يولوه قيادة الجيش، ونتيجة لذلك خرج خالد كما يقول الرواة في تعبئة لم تعبئها العرب قبل ذلك، فجعل القلب كراديس وعليها أبو عبيدة بن الجراح، والميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان، والميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص، وكان القلب يضم 16 كردوساً، بينما ضمت كل من الميمنة والميسرة عشرة كراديس وكل كردوس كان يضم ألف مقاتل وعلى كل كردوس قائد، وهؤلاء يأتمرون بأمر قواد الميمنة والميسرة والقلب، وهؤلاء بدورهم يأتمرون بأمر القائد الأعلى خالد بن الوليد، وبهذه التعبئة واجه خالد بن الوليد الروم في معركة اليرموك سنة 13هـ/634م، وهزمهم هزيمة منكرة وسحق معظم جيشهم وفر الباقون متراجعين عن أرض الشام، وهي معركة كرست خالداً بوصفه أحد مشاهير القادة العسكريين في التاريخ. وفي غمرة المعركة ورد أمر الخليفة عمر بخبر موت الخليفة أبي بكر، وبعزل خالد عن القيادة وتولية أبي عبيدة بن الجراح، فكتم أبو عبيدة الأمر حتى انجلت المعركة عن النصر، عندئذ تسلّم أبو عبيدة القيادة وعمل خالد بن الوليد بإمرته. واستمر خالد تحت قيادة أبي عبيدة واشترك في فتح دمشق، وأقام بعدئذ في حمص معتذراً للخليفة عمر عن تولي المناصب. وقد اختلف في مكان وفاته فمنهم من قال إنه توفي في قرية من ضواحي حمص، وآخرون قالوا بل توفي في المدينة، وهذا أرجح بناء على مشاركة نساء بني المغيرة في مأتمه وتزكية عمر له يومذاك، وبوفاته طويت صفحة بطل من أبطال الإسلام ورجاله المشاهير، وأحد قادة الحرب العظام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء حياتي